أربعة مواقف متباعدة في الزمان والمكان وحّدتها الفكرة والعبرة، وشكلت صورة مكتملة تسمح باستنتاجات وخلاصات جيدة تستند إلى واقع الممارسة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بالعربية من طرف مدرّسي وموجّهي هذه المادة في البلاد غير العربية،
يشكل المتعلم عنصرًا أساسيًا في العملية التعليمية، فهو المحور الذي تركز عليه، ومن ثمَّ فهو أولاً وأخيرًا الهدف من العملية التعليمية، فما قامت هذه العملية إلا من أجل تحقيق أهداف معينة لدى المتعلم، ولذا فإن معرفة خصائص المتعلم النفسية والعقلية تعد مطلبًا ضروريًا عند إعداد محتوى المناهج الدراسية.
درج الباحثون في شؤون اللغة العربية، الغيورون عليها، الحريصون على عزتها ورفعتها وقوتها وانتشارها، على دعوة أبنائها إلى حمايتها من مكايد أعدائها، واستنقاذها من شر أحاط بها ويوشك أن يقضي عليها، حمايةً للهُوية أن تتفتت، وللدين أن تندرس معالمه وتنطمس مفاهيمه وتندثر علومه، وللأمة الإسلامية أن تتهاوى أركانها، أو يستمر تخلفها عن ركب الحضارة وتبعيتها لمن بيده العلم والقوة.
إن تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها –شأن كل عملية تربوية- عملية هادفة تنطلق من أهداف معينة وفي الوقت نفسه تسعى إلى تحقيقها. هذا يعني أن أهداف تعليم اللغة العربية التي تم وضعها وتحديدها في المنهج يجب أن تكون سليمة الصياغة ومتكاملة الجوانب وواضحة المستويات وقابلة للتحقيق. وتوافر هذه المواصفات تخضع لبعض المعايير والنظريات والإجراءات.
بعد مناقشتنا في الصفحات الماضية للأبعاد الحضارية التي توجب علينا مواصلة الجهود في نشر وتعليم اللغة العربية لأبناء العالم الإسلامي نلم هنا إلمامة سريعة ببعض الأسباب والغايات (الضرورات) اللمحة التي تحتم علينا السعي الحثيث نحو الانطلاق في مواصلة الجهود لنشر اللغة العربية وتعليمها في بلاد العالم الإسلامي وخاصة دول المشرق، بل محاولة نشرها في ربوع العالم كله لأنه لا يوجد مكان في العالم يخلو من المسلمين أيا كان جنسهم ولونهم. وهذه الضرورات والغايات (الأسباب) تتمثل في الآتي:
يقول الحق تبارك وتعالى واصفاً القرآن الكريم :﴿كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون﴾ (فصلت : 3) ويقول: ﴿إنا أنزلنا قرآنا عربيا لعلكم تعقلون﴾ (يوسف : 2)، جاء في سورة الشعراء وصف اللسان بأنه عربي مبين في قوله تعالى: ﴿نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين﴾ (الشعراء : 193 - 195).
يمثل تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها أحد الأنساق الفرعية للنسق المجتمعي العام سواء أكان المجتمع العربي أو الإسلامي أو العالمي المعاصر. مما يعني انعكاس ما تشهده هذه المجتمعات من تغيرات، وما يصيبها من تحولات، وما يسودها من اتجاهات على مجال تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.. ذلك أن تعليم هذه اللغة شأن المجالات التعليمية الأخرى لا يحدث في فراغ.. فاللغة والثقافة يسيران يدا بيد.
أصبحت العولمة في العصر الحاضر اتجاها سائدا تتحرك في ضوءها جميع ديناميكيات هذا العصر بشتى مجالاتها وبدون استثناء. وأصبح كل ما ينشغل به إنسان هذا العصر ممن يريد التطور والتقدم سعيا إلى مواجهة تحدياتها وتلبية متطلباتها، ويقاس التطور والتقدم في ضوء ذلك على مدى القدرة على تلبية متطلبات العولمة.
أود في هذا المقام أن ألقي الضوء على أظهر التطلعات التي يتوخى تحقيقها في مجال تعليم العربية مستقبلا : أوّلاً: في مرحلة التعليم العام 1. العربيّة لغة واسعة في بُعديها الزماني والمكاني، وقد تراكم في حاضرها: القديمُ والحديث
بداية لابد أن نعترف أن هناك مشكلة في تعلم اللغات الأجنبية تواجه الكثير من الدول العربية، وأن الطلاب العرب يواجهون صعوبات جمة، حين يجري ابتعاثهم للدراسة في الخارج، وأن الكثير من الجامعات الغربية تتساءل عن المعايير التي جعلت هذا الطالب العربي يحصل على علامات مرتفعة في لغة أجنبية، لا يعرف عنها إلا أقل القليل، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع مصداقية شهادات الثانوية العامة العربية، وإلى طول فترة الدراسة في الجامعات الغربية، بل وربما فشل البعض من المتفوقين في الثانوية على متابعة دراستهم في الغرب، بسبب هذا القصور الذي لا يتحمل الطالب وحده مسؤوليته.
العالم " الحر " و غير " الحر " ما فتئ يخفي عنا حقائق ناصعة هي مناط فخر لكل مسلم . فعبر سلسلة من التخرصات ينشأ المسلم و هو لا يعرف حجم أمته الحقيقي و أوجه قوتها