عجائب اللغة العربية

عجائب اللغة العربية منى عساف 

المؤلف: منى عساف المصدر: البيان التاريخ : 13/01/2020 المشاهدات : 169

المحتوى


لا أبلغ ولا أجمل من اللغة العربية ولا أمهر من بلغائها حين يصوغون نظمهم بفهم وبعد يفوقان كل المحاولات الاعجازية اللغوية ويبرعون في الحبك والصياغة.

وقد أدهشتني هذه المهارة اللغوية والبراعة في النظم المعجز، فتذكرت مقولة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حين سئل (لماذا تحب العربية ؟ فقال وهو صاحب نهج البلاغة: أحبها لثلاث.. لأنها لغتي، ولأنها لغة القرآن الذي بها نزل، ولأنها لغة أهل الجنة) فهل يعقل بعد هذا القول ان تهمل العربية، وأن تهمش، وأن تدفع إلى المواقع الخلفية والهامشية كما يحدث لها اليوم؟ وأن تتصدر عليها باقي اللغات التي لا تضاهيها جمالا ولا إبداعا ولا اتساعا، إن هذه اللغة دونا عن باقي اللغات تستحق التقدير والتزكية وليقال عني متحيزة، وإليكم شيء من أدلة تؤكد على قوة وإعجاز هذه اللغة في عجائب الشعر العربي الجميل وياله من مجال واسع رائع ، وقد اخترت لكم بعضا منها.

وأبدأ بهذا:

(ألوم صديقي وهذا محال      صديقي أحبه كلام يقال

وهذا كلام بليغ الجمال      محال يقال الجمال خيال)

الغريب فيه..أنك تستطيع قراءته أفقيا ورأسيا.

وهنا دليل آخر..

(مودته تدوم لكل هول... وهل كل مودته تدوم) 

اقرأ البيت بالمقلوب حرفا حرفا واكتشف الإبداع حيث ان هذا البيت يقرأ من الجهتين. أما المثال التالي وفيه:

(حلموا فما ساءَت لهم شيم ... سمحوا فما شحّت لهم مننُ

سلموا فلا زلّت لهم قدمُ ...رشدوا فلا ضلّت لهم سننُ)

ويقال ان الأبيات السابقة جزء من القصيدة الرجبية، ولها ميزة عجيبة ألا وهي أن الأبيات في المدح والثناء، ولكن إذا قرئت بالمقلوب كلمة كلمة، أي نبتدئ من قافية الشطر الثاني في البيت الأول، وننتهي بأول كلمة للشطر الأول في البيت الأول، فإن النتيجة تكون أبيات هجائية موزونة ومقفاة، ومحكمة أيضا.

وسوف تصبح الأبيات بعد قلبها كالتالي:

(مننٌ لهم شحّت فما سمحوا ... شيمٌ لهم ساءَت فما حلموا

سننٌ لهم ضلّت فلا رشدوا ... قدمٌ لهم زلّت فلا سلموا) 

وهنا دليل آخر أيضا من طرائف الشعر في هذه القصيدة والتي هي عبارة عن مدح لنوفل بن دارم، وإذا اكتفيت بقراءة الشطر الأول من كل بيت فإن القصيدة تنقلب رأسا على عقب، وتغدو قصيدة ذم لا مدح. حيث تقول قصيدة المدح:

(إذا أتيت نوفل بن دارم ... أمير مخزوم وسيف هاشم

وجدته أظلم كل ظالم...على الدنانير أو الدراهم

وأبخل الأعراب والأعاجم ... بعرضه وسره المكاتم

لا يستحي من لوم كل لائم ... إذا قضى بالحق في الجرائم

ولا يراعي جانب المكارم ... في جانب الحق وعدل الحاكم

يقرع من يأتيه سن النادم .. إذا لم يكن من قدم بقادم)

وعند قراءة الشطر الأول من كل بيت فإليكم قصيدة الذم :

إذا أتيت نوفل بن دارم ...وجدته أظلم كل ظالم

وأبخل الأعراب والأعاجم ... لا يستحي من لوم كل لائم

التعليقات